الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

المناعة في الجهاز التنفسي للدواجن

مكة للأعلاف (هاى فيد ) تهتم بالمناعة العامة للطيور والتى تعتمد بدرجة كبيرة على التغذية والعناصر الغذائية من بروتين وطاقة وفيتامينات وأملاح معدنية وبعض الإضافات الهامة مثل البروبيوتك والبريبيوتك .. ويظهر بوضوح دور المناعة القوية للدواجن التى تربت على أعلاف مكة فى مواجهة العدوى والأمراض و هذا ما يشرحة المقال التالى:
المناعة في الجهاز التنفسي للدواجن
يعتبر الجهاز التنفسي مع الجهاز الهضمي المنفذين الرئيسيين للغزو الميكروبي للجسم والممر الرئيسي لدخول الامراض المختلفة . ولهذا فقد جهز الله سبحانه وتعالى هذين المنفذين بخطوط دفاعية تمنع وتعرقل أي هجوم ميكروبي وتحمي الجسم من الامراض ولقد اطلق المختصين على هذه الخطوط المناعية اسم المناعة المخاطية (Muscosal Immunity) . ان فهم المربي لطبيعة المناعة المخاطية ستجعله يفهم ويتأكد من صحة الدعوات العلمية تدفعه لضرورة التلقيح بالرش او التلقيح عن طريق القطرة بالعين . وسيعلم المربي بان المغزى من ذلك هو اثارة الجهاز المناعي المتواجد في الطبقة المخاطية للجهاز التنفسي على وجه الخصوص , أي اننا سنجعل الفيروس اللقاحي يكون بتماس مع الخلايا المناعية بهذه المنطقة ولكي تبنى مناعة صلدة وموضعية (Local immunity) في هذا الممر الحيوي لدخول الاصابات المرضية بالحالة الطبيعية , أي اننا سوف نغلق هذا الباب نهائيا بوجه أي اصابة مرضية للفيروس الذي لقحنا ضده .
الخطوط الدفاعية المناعية للجهاز التنفسي
1.الطبقة المخاطية التي تغطي الاغشية المخاطية المبطنة للانف والقناة التنفسية العليا . وتعمل هذه المادة المخاطية كجهاز للتنقية والترشيح بالاضافة الى البنية التشريحية للانف والعظام الملتوية حيث يتم هناك امساك الجزيئات الكبيرة وذرات الغبار الكبيرة ومنعها من الدخول الى عمق الجهاز التنفسي . يقوم المخاط المغطي للبطانة الظهارية للمسالك التنفسية العليا بالتقاط ذرات الغبار والميكروبات المتواجدة مع الهواء وغبار القاعة ثم يقوم بطردها وطرحها خارج الجهاز التنفسي . ولقد اشارت الدراسات العلمية الى ان الجزيئات التي تتراوح اقطارها بين 10 - 20 مايكرون تميل للاستقرار في المنطقة الانفية الحلقية وفي الممرات التنفسية العليا ولكن ترسيب المواد في هذه المنطقة ينعدم اذا نقص قطرها الى اقل من 3 مايكرون . ان مثل هذه الجزيئات والذرات المتناهية بالصغر قد تترسب وتستقر في عمق القناة التنفسية فقد تصل الى منطقة القصبة الهوائية (الرغامي) واحيانا تصل الى الحويصلات الرئوية في عمق الرئتين . هذه النقطة مهمة جدا ولكافة المختصين بتربية الدواجن . فهذه النقطة توضح لماذا نختار طريقة الرش الخشن (Course spraying) في الاعمار الاولى ولغاية عمر 21 يوم وبعد ذلك يمكن استعمال طريقة الرش الناعم (Fine spraying) . ان حجم ذرات او حبيبات الماء المقطر الممتزج مع اللقاح هو الذي سيحدد الموقع الذي سوف يصل اليه الفيروس اللقاحي . بالاعمار الاولى من عمر الفرخ لا نريد ايصال الفيروس اللقاحي الى داخل الحويصلات الرئوية بل نريد ان يستقر الفيوس في اعلى القناة التنفسية لعمل مناعة موقعية قوية بهذه المنطقة . بعد عمر 21 يوم لا مانع منوصول قطرات اللقاح الصغيرة جدا الى الحويصلات الرئوية ومع ذلك لا زالت هنالك دعوات المختصين يعتقدون بضرورة عدم ايصال اللقاح الى الرئتين ويفضلون على الدوام وبكل الاعمار استعمال طريقة الرش الخشن والذي لا تنخفض فيه ذرات اللقاح عن 5 مايكرون لضمان استقرارها بالمجاري التنفسية العليا والقصبة الهوائية . الطبقة المخاطية تبقى باستمرار مرطبة بافرازات الخلايا المخاطية المفرزة للمخاط وهي الخلايا الكأسية (Goblet cell) والمتواجدة بالانف والقصبة الهوائية .
2.الفلورا الطبيعية المتواجدة في الطبقة المخاطية للانف والمجاري التنفسية العليا . فقد ثبت علميا تواجد انواع من الميكروبات وبالخصوص انواع من البكتريا النافعة متواجدة باستمرار بالمادة المخاطية وهي تقوم بالتأثير على البكتريا الضارة الداخلة مع الهواء . الدراسات الحديثة اثبتت ان غبار قاعة التربية يحتوي الغرام الواحد منه على (100000) مئة ألف خلية من خلايا بكتريا الكولاي E.coli . هذه البكتريا محمولة على ذرات الغبار وموجودة في الهواء الطبيعي لقاعة التربية . تدخل البكنريا مع ذرات الغبار ومع الهواء اثناء التنفس ليتم اقتناصها بالمادة المخاطية وبعد ذلك تقوم البكتريا النافعة في تثبيط نمو (growth inhibition) هذه البكتريا ومنعها من التكاثر وكذلك تؤثر البكتريا النافعة ايضا على الفطريات فقد تدخل سبورات (spors) الفطريات مثل الاعفان مع الهواء وقد تدخل هذه السبورات وتتكاثر داخل الجهاز التنفسي للرأتين حيث تنمو السبورات وينشأ العفن ليسبب مشكلة مرضية من اخطر المشاكل التي تواجه الافراخ . هذا المرض يطلق عليه اسم مرض الرشاشيات الدخنية (Aspergillosis) والذي تسببه سبورات الفطر Aspergillus fumigatus. فعند استخدام فرشة رطبة او نشارة خشب رطبة تحتوي على سبورات الفطر ستظهر هذه المشكلة للافراخ خلال الايام الاولى من عمرها . اذن تواجد البكتريا النافعة في الطبقة المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي سوف يعرقل نمو البكتريا والاعفان الضارة والمرضية ويقلل من فرص احداثها للامراض . البكتريا النافعة الموجودة في هذه المنطقة تعود لعدة اجناس اهمها Lactobacilli و Bifidobacter . ان هذا الموضوع الجديد يعلل لنا سبب انخفاض حالات الاصابة بمرض التهاب الجهاز التنفسي المزمن CRD والكورايزا عند استخدام مستحضرات المعززات الحيوية (Probiotic) بالرش او اضافتها للعلف . هذه المستحضرات تحتوي على بكتريا نافعة وهذه البكتريا سوف تستقر بالجهاز التنفسي للطيور بالاضافة لاستقرارها بالقناة الهضمية . سوف تطرح البكتريا النافعة ايضا مع فضلات الطيور وبأعداد هائلة لتؤثر على اعداد ابكتريا الضارة في الفرشة والفضلات . الفضلات عندما تجف سوف تتطاير ذراتها مع غبار القاعة وسوف تتواجد البكتريا بالهواء الذي سوف تتنفسه كل طيور القاعة . والبكتريا النافعة على الدواء وبكل هذه المراحل ستبقى تتنافس وتلاحق البكتريا الضارة وتمنع نموها وتعرقل تكاثرها وتقلل فرص تأثيرها على صحة الطيور .
3.وجود لسان المزمار الذي يمنع دخول المواد الغريبة المستنشقة الى عمق وتفرعات القصبة الهوائية وكذلك وجود البطانة المخاطية السوطية في نهايات القصبة الهوائية وتفرعاتها . تقوم هذه الاسواط (micilli) بطرد المواد الغريبة مع المخاط وارجاعها الى البلعوم والحلق (تجويف الفم) لاخراجها خارج الجسم او الى المعدة . ايضا وجود هذه المواد الغريبة سيولد رد فعل انعكاسي متمثل بالسعال والعطاس وبذلك يتم طرد المخاط من الاجزاء السفلى للقصبة الهوائية .
4.وجود بعض البروتينات ذات الفعالية البايولوجية ضد البكتريا الضارة ومن اهمها بروتينات اللايزوزيم (Lysozyme) وبروتين اللاكتوفرين (Lactofren) . يقوم البروتين الاول بإتلاف الجدار الخلوي للبكتريا السالبة لصبغة كرام (G¯ bacteria) مثل السالمونيلا والكولاي والشكلا (shegella) وغيرها . اما البروتين الثاني فيقوم بحجز وربط ايونات الحديد الموجودة في الوسط وبذلك يحرم البكتريا الضارة مثل الكولاي والتي تحتاج لهذا العنصر في تصنيع انزيم الكاتليز (catalase) المهم لحياتها . ربط (chelating) هذا العنصر في المادة المخاطية للجهاز التنفسي ستجعل هذه المنطقة غير ملائمة لنم وتكاثر البكتريا الضارة .
5.وجود البروتين المناعي الافرازي Secretory IgA والذي يرمز له بالرمز (sIgA) . هذا البروتين هو احد بروتينات المناعة التي تفرزها خلايا البلازما (plasma cell) والتي يتم تشكلها من الخلايا اللمفاوية البائية (B-Lymphocyte) . ان هذا البروتين عبارة عن اجسام مضادة (Antibody) موجهة ضد الميكروب الذي حفز خلية B اللمفاوية على افرازه . هذا النوع من الخلايا اللمفاوية عند تحسسها بالانتجين ستتحول الى نوعين من الخلايا الاول هو خلايا ذاكرة (Memory cells) والاخر هو خلايا بلازمية تقوم بانتاج جسم مضاد نوعي ضد الميكروب الذي حفز الخلية الام . ان تواجد sIgA بالمنطقة المخاطية المبطنة للقناة التنسية العليا والتي تشمل الانف والبلعوم والقصبة الهوائية وتفرعاتها الرئيسية هذا التواجد يعتبر خط من اهم الخطوط الدفاعية ضد الميكروبات الغازية . ولقد ثبت علميا ان افراز هذا البروتين يتم داخل المنطقة المخاطية للجهاز التنفسي وهذا يحتم وجود خلايا عارض للانتجين (Antigen Presenting cells) APC وهي احد انواع خلايا البلعمة الكبيرة (الماكروفيج) تهضم الانتجين وتعرض جزء منه لتحفز الخلايا المناعية الاخرى على توليد مناعة خلطية وخلوية ضده . اذن هذا النوع من الاجسام المضادة يتكون وينتج ويفرز ويتواجد بالمنطقة المخاطية للجهاز التنفسي . وليس مصدره الدم المتواجد بالدورة الدموية حيث يحتوي الدم ايضا على نفس الكلوبيولين المناعي ولكن يرمز له IgA (غير افرازي) . كان يعتقد سابقا ان مصدر sIgA الموجود بالجهاز التنفسي هو IgA المتواجد بالدورة الدموية وينتقل عبر الخلايا الابثيلية المبطنة للجهاز التنفسي حيث يوجد مستقبل (Receptor) له على جدران الخلايا ليدخل داخل الخلية في فجوة ثم يدفع مع المستقبل الى الخارج ليتواجد بالمنطقة المخاطية . الدراسات الحديثة اثبتت ان مصدر sIgA هو الملحق المناعي للطبقة المخاطية .
من هذا نستنتج النقاط المهمة التالية :
‌أ-ضرورة تحفيز الجهاز المناعي المتواجد بالمنطقة المخاطية للجهاز التنفسي .
‌ب-لماذا احيانا تبدو الطيور محمية ضد مرض النيوكاسل ولا تصاب القاعات رغم اصابة قاعات مجاورة رغم عدم وجود معيار حجمي (Titer) مرتفع بالدم . بمعنى اخر ان مناعة الدم قد تكون منخفضة جداالا ان المناعة الموضعية عالية وتتمكن من الحماية . يحتوي الكلوبيولين (بروتين ذو شكل كروي) المناعي sIgA على اربع مناطق للارتباط بالانتجين (الجسم الغريب الغازي) ولهذا فهو فعال جدا لمسك الفيروسات والبكتريا ومنع التصاقها على الخلايا الطلائية . خطوة الالتصاق والتماس Attachment هي الخطوة الاولى لاحداث أي مرض . ويقوم هذا البروتين ايضا بتسهيل عملية التهام هذه الميكروبات من قبل الكريات الدموية البيضاء الملتهمة مثل الكريات وحيدة النواة Monocyte وخلايا الحمضة والقعدة والمتغايرة . ولقد ثبت وجود معظم هذه الخلايا في المنطقة المخاطية للجهاز التنفسي .
6 . وجود الخلايا البلعمية الكبيرة (Macrophages) في القصيبات الهوائية للرئتين يعتبر اهم خط دفاعي متواجد في اقصى اعماق الجهاز التنفسي أي الرئتين . ويبدو ان المناعة الخلطية المتمثلة بالبروتينات المناعية والبروتينات المضادة للميكروبات مع المخاط وتمثل الخطوط الدفاعية بالمجاري التنفسية العليا . اما بالمجاري التنفسية السفلى فالمناعة معتمدة على الخلايا (Cell mediated immunity) . ان مصدر خلايا البلعمة الكبيرة يأتي من الخلايا وحيدة النواة (Monocyte) الموجودة بالدورة الدموية . تستطيع هذه الخلايا ان تخرج الى خارج الدورة الدموية لتستقر في الانسجة والاعضاء ولهذا سوف يكبر حجمها وتزداد قابليتها الالتهامية لتصبح على شكل خلايا بلعمة كبيرة . تقوم هذه الخلايا بالتهام الميكروبات الواصلة لهذه المنطقة . ولقد ثبت ان هذا الالتهام نوعي وتخصصي احيانا لان هذه البلاعم تحتوي على مستقبل لقطعة (FC) للكلوبيولينات المناعية نوع IgG ومستقبل للقطعة الثالثة للمتمم (C3) . اذن عندما يكون الجسم ملقح ضد النيوكاسل مثلا فان الاجسام المضادة التي سوف ترتبط على سطح هذه البلاعم ستجعلها متخصصة لابتلاع واقتناص فيروس النيوكاسل فقط . وبذلك ستتحول عملية البلعمة من سلاح عام الى سلاح خاص موجه ضد عدو واحد وهو فيروس النيوكاسل . وستزداد فعالية البلاعم الكبيرة على الالتهام عدة مرات اذا ما استلمت اشارة مناعية على شكل مدورات لمفاوية (Cytocines) معززة من الخلايا اللمفاوية التائية (T-Lymphocyte) وتفرز الخلايا الاخيرة ايضا سايتوكاينات اخرى تمنع هجرة البلاعم لاجل ابقائها في منطقة الالتهاب لتعالج الموضوع بحزم وقوة . لوحظ ان البلاعم الكبيرة ايضا تفرز الانترفيرون (Interferon) وهو عبارة عن بروتين كربوهيدراتي يحفز الخلايا المناعية ويجعل الخلايا الجسمية ذات حماية ضد الهجوم الفيروسي . وتنتج ايضا البلاعم الكبيرة سايتوكينات تذهب مع الدورة الدموية لتعطي اشارة الى نخاع العظام ليقوم بإنتاج المزيد من الخلايا الالتهامية مع الحبيبية مثل خلايا الحمضة (Acidophils) والقعدة (Basophils) والمتغايرة (Hetreophils) 
أ.د. سعد عبد الحسين ناجي
رئيس قسم الثروة الحيوانية ـ كلية الزراعة ـ جامعة بغداد
نائب رئيس جمعية علوم الدوجن العراقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق